School of Sufi Teaching

مدرسة التربية الصوفية

الطرق النقشبندية والمجددية والجشتية والقادرية والشاذلية

School of Sufi Teaching

Support the Sufi School
Sufi School is a non-profit charity involved in creating awareness about Sufism and providing authentic Sufi teachings to sincere seekers.

All the teachings are given free of cost and students are not charged for attending our weekly gatherings for teaching, mentoring, discussions and group practices.

Our activities are carried out through voluntary donations. We request you to donate generously to support our work. Any amount of donation to help us to continue this good work will be appreciated and thankfully accepted.

PayPal
Use PayPal to send a donation to the School of Sufi Teaching. You can also add a payment reference.

If you don't have a PayPal account, use this link to make a donation via credit card.

Amazon Smile
Select the School of Sufi Teaching as your charity on Amazon.

Amazon will donate 0.5% of any purchases you make to us, without any extra cost to you.

Wire transfer
For transfers in the UK (in GBP) use the details below.

Name: School of Sufi Teaching
Account Number: 11397222
Sort Code: 40-03-16
Bank: HSBC UK

International transfers
Preferred option for cheap international transfers: Send money to our WISE account.

حضرة الشيخ السيد عبد الباري شاه

كان حضرة الشيخ السيد عبد الباري شاه r وليًا عظيما وإنسانًا كاملًا. ومع مرور الزمن، أصبحت أهميته وإسهاماته في الفكر والعمل الصوفي معروفة أكثر وأكثر في جميع أنحاء العالم.

ولد السيد عبد الباري شاه r في 1859م، في قرية بلغادي في ولاية بنغال الهندية. كان والده خبيرًا في علم الإلهيات وكذلك في العلوم الروحية، كما أنه أجاد الخيمياء، وهو القدرة على تحويل الأجسام من مادة إلى أخرى. وعندما بلغ السيد عبد الباري شاه r ست سنوات من عمره، توفي والده ووقع على عاتق أمه مسؤولية تربيته والقيام برعايته. ثم انتقلت والدته من بلغادي إلى هوغلي بالقرب من كالكتا، بحسب وصية زوجها. وهناك اشتغلت بالخياطة لأجل أن تكسب قوت يومها. لقد كانت حياتها نموذجًا للصبر والإمتنان. وكان السيد عبد الباري شاه r، وقد كان طفلًا متفهمًا حتى في ذلك الوقت المبكر من عمره، يحاول أن يساهم في دخل الأسرة عن طريق القيام بأعمال صغيرة من أجل مساعدة والدته. وبعد فترة من الزمن وبطلب من أحد الأقارب إنتقلت الأسرة من هوغلي إلى نالدنغا.

في أحد الأيام وعندما كان السيد عبد الباري شاه r صبيًا، طلب منه بعض الصبية أن يصحبهم في سرقة جوز الهند. إعترض في البداية، إلا أنهم بعد أن أصروا عليه وافق أن يذهب معهم. وصل الصبية إلى النخيل وبدؤوا بقطف جوز الهند وطلبوا من السيد عبد الباري شاه r أن يقف ليراقب المكان ويبلغهم إن اقترب شخص ما. وصادف أن كانت هناك مقبرة مجاورة لنخيل جوز الهند. وفجأة رأى السيد عبد الباري شاه r ميتًا يظهر ويتوجه نحوه، ثم قال له “أيها الولد الصغير، أنت لم تُخلق لهذا”. فترك السيد عبد الباري شاه r أصحابه هناك وعاد إلى المنزل.

لم يتلق السيد عبد الباري شاه r تعليمًا نظاميًا في صباه. قُبل في أحد المدارس إلا أنه لم يعجب بهذا النوع من التدريس ولذلك ترك الدراسة وذهب للعمل في وظائف متنوعة. وفي النهاية وجد وظيفة بمرتب جيد في محطة القطارات. إستطاع عندها أن يبني حياة أفضل ويكون بصحبة بعض الأصدقاء.

في أحد الليالي، رأى السيد عبد الباري شاه r والده في منامه. عبّر والده عن سخطه عن العمل في محطة القطارات بسبب وجود الفساد في بيئة العمل تلك. وفي قلبه، لم يكن السيد عبد الباري شاه r متعلقًا بتلك الوظيفة، وفور أن استيقظ من نومه في الصباح قرر أن يستقيل من العمل. حاول أستاذ اللغة العربية وبعض الأصدقاء أن يمنعوه من تقديم إستقالته وحذروه من أنه سيجد صعوبة في الحصول على وظيفة مشابهة. إلا أنه تجاهل نصائحهم وترك العمل في المحطة.

وبعد ذلك بمدة قصيرة، أصيب بإسهال حاد لدرجة ظن الناس أنه لن ينجو. ثم رأى والده في منامه مرة أخرى. أعطاه والده شيئًا ليأكله فأكل منه حتى اكتفى. عندما استيقظ شعر بالتحسن، وفي غضون بضعة أيام تعافى تمامًا. وبحلول هذا الوقت، أصبح السيد عبد الباري شاه r شخصًا مختلفًا إلى حد ما، وكان يكرس وقته للمساعي الروحية. كما كان يبحث عن شيخ يمكن أن يرشده في هذا الطريق.

أخذ السيد عبد الباري شاه r البيعة لأول مرة على يد شيخ الطريقة الجشتية الشيخ كريم بخش r ، وهو والد حضرة الشيخ حامد حسن العلوي r وقد حدث أن مر على بلغادي. وبمجرد أن بدأ السيد عبد الباري شاه r في أداء تمرين “مراقبة الأنفاس” بحسب تعليمات شيخه، إنفتح قلبه. كان سعيدًا جدًا بهذه التجربة وبدأ إهتمامه يكبر وبدأ يكرس نفسه بحماسة أكبر لهذا الطريق. إلا أنه كان آسفًا لأنه لن يستطيع أن يرى شيخه مجددًا.

وفي أحد الأيام وبينما كان منغمسًا في الذكر، ظهر أمامه مؤسس الطريقة الجشتية الشيخ معين الدين جشتي r وقال له أنه على الرغم من عدم وجود خطأ في سلسلة الطريقة إلا أنه في المستقبل سيقوم هو بنفسه بتوجيه السيد عبد الباري شاه r. ومنذ ذلك الوقت كان الشيخ معين الدين جشتي r يأتي إلى السيد عبد الباري شاه r لتلقينه التوجهات. قال السيد عبد الباري شاه r لشيخنا الأكبر الشيخ حامد حسن العلوي “إياك أن تظن أن ذلك كان مجرد رؤيا، لقد كان يجلس معي تمامًا مثلما تجلس أنت الآن أمامي”. لقد كان الشيخ معين الدين جشتي r يساعد السيد عبد الباري شاه r في محطات رحلته الروحية. يحكي السيد عبد الباري شاه فيقول:

كنتُ كلما واجهتُ حاجزًا تنقصني القوة لتجاوزه كان الشيخ معين الدين جشتي r يرفعني عنه بفضل قوته الروحية. وكنت أسأله “شيخي، هل بلغتُ الآن الغاية من الرحلة؟” وكان دائمًا يرد علي بقوله “لا، لا يزال الهدف بعيدًا”. حتى قال أخيرًا في أحد الأيام “الآن قد بلغتَ الوجهة”.

في أحد المرات، تزامن شهر رمضان مع موسم الأمطار، وجاء يوم لم يكن عند السيد عبد الباري شاه r إلا بنسًا واحدًا فقط. وبهذا البنس اشترى بعض القمح الذي ساعده هو وزوجته على الإستمرار ليومين آخرين. ثم ساءت حالتهم المالية لدرجة أنه لم يتبق في المنزل أي نقود. وباسترجاع ذكريات هذه الفترة يقول السيد عبد الباري شاه r “لم أكن خائفًا من أن أكون تحت الإختبار، لكني كنت قلقًا على زوجتي. كنت قلقًا من أنها لن تتحمل المشقة أو أن صبرها سوف ينفد”. ولكن بصحبة الروح العظيمة تظهر العظمة على أرواح الآخرين أيضًا. كانت زوجته تضع قدرًا من الماء يغلي على النار كي لا يظن الجيران أنهم يتضورون جوعًا.

مر على الزوجين يومان على هذه الحال. كانا يفطران على شربة ماء فقط. في مثل هذه الأوقات، حتى أعظم الناس يفقدون الأمل ويضلون عن الطريق. إلا أن السيد عبد الباري شاه r كرس وقته كاملًا لأداء التمارين. ظن أن الموت قد يكون قريبًا ولذلك فمن الأفضل له أن يؤدي أفضل ما بوسعه في ما يخص مساعيه الروحية. كانت السماء تمطر وكان سقف المنزل قديمًا لدرجة أن الماء كان ينسكب عليه من كل الجهات. ولكن ظل السيد عبد الباري شاه r منشغلًا بأداء الأذكار. ثم وضع وعاءً أو آنية على رأسه ليبعد الماء عنه. وكان كلما يتوقف المطر يأخذ الوعاء ويفرغه من الماء ثم يعيده فوق رأسه ويتابع أذكاره.

في أحد الأيام وبينما كان يؤدي أذكاره وهو في هذه الحالة المؤسفة، ظهر الإمام علي h والشيخ عبد القادر الجيلاني r، وكانا يلبسان ثيابًا جميلة وبراقة ويحملان سيفين غير مسلولين في يديهما. كانا قد زاراه عدة مرات من قبل، إلا أن هذه المرة كانت زيارة خاصة. بينما أمسك الأول بيده اليمنى، أمسك الآخر بيده اليسرى، وقاما برفعه حتى وقف قائمًا على عتبة مرتفعة، وقالا له “يا عبد الباري! أصبحت وليًا من هذا اليوم فصاعدًا”.

وبعد أن رجع السيد عبد الباري شاه r من هذه الحالة، ولكنه كان لا يزال جالسًا يؤدي المراقبة، دخل عليه رجل وقال “يا شيخ، إن سقف هذا الكوخ اصبح عديم الفائدة، من فضلك دعني أصلحه لك”. ثم مر رجل آخر وأعطاه روبيتين كدلالة على الإحترام والتوقير. وباختصار، هنا إنتهت الأيام الصعبة. يقول السيد عبد الباري شاه r بأنه بعد هذا الوقت، لم يتعرض إلى المجاعة مجددًا، على الرغم من أنه قد يجوع لمدة ثلاثة أو أربعة أيام في الشهر. وحينما أنهى كل دروسه، جعله الشيخ معين الدين جشتي r خليفة له، وأعطاه إجازة تدريس الطريقة الجشتية. 

وبعد وقت من الزمن، حدث أن التقى السيد عبد الباري شاه r بالشيخ المجددي العظيم في ذلك الوقت، حضرة الشيخ مولانا غلام سلماني r. وبعد أن أنهى اللطائف العشرة، طلب السيد عبد الباري شاه r من الشيخ سلماني أن يأخذ البيعة منه. إلا أن الشيخ رفض طلبه. فشعر بخيبة أمل كبيرة. وعندما جلس لأداء المراقبة، ظهر له الشيخ أحمد فاروقي السرهندي r وٍسأله عن سبب حزنه. وبعد سماع القصة، قال الشيخ أحمد فاروقي السرهندي r “إذهب الآن للشيخ سلماني، وهذه المرة سوف يقبلك مريدًا عنده”. فذهب السيد عبد الباري شاه r لزيادة الشيخ مجددًا وأخبره بالحوار الذي دار مع الشيخ أحمد فاروقي السرهندي r. وبعد سماع ما حدث، أخذ الشيخُ سلماني السيدَ عبد الباري شاه r مريدًا في الطريقة المجددية.

ظاهريًا، كان الشيخ مولانا سلماني r مرشدًا للسيد عبد الباري شاه r، إلا أنه استمر في تلقي التوجه الروحي باطنيًا من الشيخ أحمد فاروقي السرهندي r. ومن خلال الرابطة الأويسية قام مؤسسو طرق صوفية أخرى بتعيين السيد عبد الباري شاه r كخليفة لهم وإجازته لتدريس تلك الطرق، وهم الشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ أبو الحسن الشاذلي، والشيخ بهاء الدين نقشبند. وبالطريقة الأويسية نفسها، أعطى حضرة أويس القرني للشيخ إجازة تدريس الطريقة القرنية وجعله خليفة له.

وباختصار، حصل الشيخ عبد الباري شاه r على إجازة لتدريس ومبايعة المريدين في الطريقة الجشتية والقادرية والمجددية والنقشبندية والشاذلية والقرنية. وفي الوقت نفسه، وبفضل الله تعالى، حاز الشيخ على مناصب روحية مختلفة وحصل على مقامات ومنازل عالية في العالم الروحي.

كانت هناك امرأة كبيرة في السن تعيش في كالكتا وقد كانت واحدة من الأبدال الأربعين. كان الشيخ عبد الباري شاه r يلتقي بها أحيانًا. وعندما تُوفيت، طُلب منه –عن طريق الكشف- أن يتابع أعمالها كواحدٍ من الأبدال.

في ذلك الوقت أيضًا، كان قطب المدار هو الشيخ أبو الحسن r، وكان يعيش في مكة المكرمة. فقام بتوجيه انتباهه نحو السيد عبد الباري شاه r وأسس إتصالًا روحيًا معه. كان الشيخ يلتقي بالسيد عبد الباري شاه r يوميًا لينقل إليه التوجه. في بعض الأحيان كان يأتي لزيارة الشيخ عبد الباري شاه r وأحيانًا أخرى كان السيد عبد الباري شاه r يذهب إلى مكة للقائه. عندما سمع شيخنا الأكبر حضرة الشيخ حامد حسن العلوي r هذا الحديث تفاجأ، وذلك لأن المسافة بين البلدين بعيدة جدًا. لكن الشيخ عبد الباري شاه r قال له أن أبعاد الزمان والمكان لا تُحسب في السفر الروحي.

وحينما غادر الشيخ أبو الحسن r الجسد، حصل تجمع بالقرب من الكعبة المشرفة في مكة. قدم العديد من الأولياء العظماء أنفسهم كمرشحين لمرتبة قطب المدار. وكان الشيخ السيد عبد الباري شاه r حاضرًا أيضًا إلا أنه كان يعتقد في نفسه أنه أدنى الحاضرين كلهم وأنه غير كفؤ لهذه المرتبة، ولذلك كان يقف في الصف الأخير. عندها تقدم سيدنا جبريل n حاملًا تاجًا من جواهر ولؤلؤ، ونادى على اسم الشيخ عبد الباري شاه r، وهرع الأخير مسرعًا للوقوف أمام جبريل n الذي وضع التاج على رأسه وأومأ إلى الكعبة المشرفة قائلا “أنت وكيل هذا البيت من اليوم فصاعدًا”. وبعد ذلك، تسلّم الشيخ عبد الباري شاه r مهام قطب المدار.

قدم الشيخ السيد عبد الباري شاه r مساهمات كبيرة للطرق الصوفية التي حصل فيها على إجازة التدريس وكذلك للتصوف في عمومه. كان أحد شيوخه، الشيخ أحمد فاروقي السرهندي r قد أكمل سابقًا الطريقة النقشبندية بحسب مبدأ “إندراج النهاية في البداية”. فقام الشيخ السيد عبد الباري شاه r بتقديم هذا المبدأ لباقي الطرق الصوفية الكبيرة وذلك بموافقة من مؤسسيها.

كما قام الشيخ عبد الباري شاه r بإضافة بعض التعديلات على نظام المشيخة (قبول المريدين). لم يكن الشيخ راضيًا عن النظام القائم الذي كان يتطلب من الشخص أن يصبح مريدًا قبل أن يبدأ بأداء التمارين الصوفية. ولذلك فقد وضع نهاية لهذا العُرف عندما سمح للسالكين أن يباشروا الرحلة الروحية بدون أن يصبحوا مريدين. إلا أنه بعد أن يُتم السالكون اللطائف العشرة فقد لوحظ أنهم يجدون صعوبة في التقدم أكثر دون الدخول في عهدة الشيخ. واليوم، إن أهم ما يميز طريقتنا الصوفية هو أنه ليس من الضروري أن تصبح مريدًا قبل الشروع في أداء التمارين. فقط حينما يُتم السالك اللطائف العشرة يتطلب منه أن يعقد هذا الإلتزام. في طرق صوفية أخرى كثيرة، يكون أخذ البيعة هو المتطلب الأول للدخول في أداء التمارين.

 كما مُنح الشيخ السيد عبد الباري شاه r لقب “محافظ العلوم” أي الحامي لكلا علوم الشريعة وعلوم الطريقة. وهكذا، نأمل أن كل أشكال سوء الفهم بين الشريعة والطريقة سوف تزول ويبرز انسجام أفضل بينهما.

لم يكن الشيخ السيد عبد الباري شاه r قطب المدار في زمانه فحسب، بل أيضًا حاز على منزلة قطب الإرشاد. ومن بين الأولياء الأولين، عدد قليل فقط من الأشخاص حصل لهم شرف الخدمة في كلا المنزلتين. لا يبقى العالم أبدًا بدون قطب المدار. وعندما يغادر القطب الجسد يخلفه شخص آخر مباشرة. إلا أن قطب الإرشاد ليس بالضرورة أن يكون حاضرًا في كل الوقت، وذلك لأن روح هذا القطب قد تتابع عملها حتى بعد أن تغادر الجسد.

وكما أن حضرة سيدنا علي h وأئمة آخرون ينتمون إلى بيت الرسول g قد حازوا على منزلة قطب الإرشاد وكانوا يمنحون مرتبة الولاية للسالكين، كان الشيخ عبد الباري شاه r يمتلك هذا الامتياز أيضًا. ومنذ الشيخ عبد القادر الجيلاني وحتى الشيخ عبد الباري شاه لم يُمنح أيُّ شيخ هذه المنزلة. كان من مهمة الشيخ عبد القادر الجيلاني أن يتابع العمل حتى بعد أن غادر الجسد. وحتى الشيخ أحمد السرهندي r كان يعتبر نفسه خليفة للشيخ عبد القادر الجيلاني r عندما كان يؤدي هذا العمل. كتب يقول بأن هذه المسؤولية كان متعلقة بروح الشيخ عبد القادر الجيلاني r وأنه أُعطي هذه المسؤولية كخليفة للشيخ. وفي المقابل، حاز السيد عبد الباري شاه r على تأثير شخصي في هذا الصدد. وهكذا نرى أنه على الرغم من أن السيد عبد الباري شاه r قد غادر منذ أكثر من مائة سنة إلا أن روحه لا تزال ترسل الإرشاد الروحي.

كان الشيخ السيد عبد الباري شاه r يقول لتلاميذه “لا حاجة لكم في الذهاب إلى أي مكان، لا تظنوا أنني أتحدث من نفسي، بل إنني متخلص من الأنا، وكل ما أقوله لكم هو من أجل مصلحتكم”. كان يقارن نفسه بالولي السابق الشيخ عبد القادر الجيلاني r. وكان يرفع إصبعين بالقرب من بعضهما البعض ويقول “كنا أنا وهو مثل هذين، أينما كان حاضرًا كان يطلب مني مرافقته هناك”.

حدث مرة أن مر السيد عبد الباري شاه r على أحد القبور ووقف هناك لفترة، إحترامًا وتوقيرًا لصاحب القبر على ما يبدو. فبدأ الناس بالتساؤل عن ما إذا كان الشخص المدفون هناك وليًا. فأجابهم السيد عبد الباري شاه r بأنه لم يكن وليًا من قبل، لكنه أصبح الآن وليًا.

كان الشيخ عبد الباري شاه r صريحًا مع تلاميذه ولم يكن يحب أن يُعطى أي تمييز خاص. كان كلما أقام في منزل شيخنا الأكبر فإنه يقول لهم أنه إذا سأل أحد ما عنه فعليهم أن يخبروا ذلك الشخص أن ضيفًا يقيم هناك. كان نادرًا ما ينطق بكلمات قاسية أو يعنّف تلاميذه. وإذا اضطر إلى توبيخ أحدهم كان يقول له ببساطة “أنت تفتقر إلى الأدب”. كان الشيخ رحيمًا جدًا لدرجة أنه يعقب هذا بقوله “وأنا مسؤول عن تصرفاتك الخاطئة”.

كان يقضي معظم وقته في أداء المراقبة، وكانت الجلسة الواحدة تستمر لحوالي ثلاث ساعات. كان كثيرًا ما يقضي الليل بطوله في المراقبة، ومع ذلك يشعر بالإنتعاش والبهجة في الصباح. كان يحب تلاميذه كما لو أنهم أبناؤه وبناته. وكانوا هم أيضًا يحبونه كثيرًا جدًا ولم يكونوا يغترون بالإلتفات إلى شيوخ آخرين، بغض النظر عن مدى عظمتهم. فعلى سبيل المثال، في أحد الأيام وبينما كان ساقي الماء ذاهبًا في طريقه لجلب الماء، ظهر في مواجهته شخص يشبه سيدنا الخضر n يدعوه من بعيد. فرد عليه ساقي الماء “لماذا ينبغي علي أن آتي إليك؟ لماذا لا أذهب مباشرة إلى شيخي، الذي بفضل صحبته سمعتك تدعوني؟”.

لم يكن السيد عبد الباري شاه مقتدرًا على الدخول في التعليم النظامي، ولكن بفضل العلم اللدني (وهي المعرفة غير المكتسبة، إنما تنعكس على عقل الصوفي المطمئن من مستوى وجودي آخر)، كان قادرًا على الإجابة عن الأسئلة والإقتباس من الكتب بل وحتى الإستشهاد بأرقام الصفحات والأسطر. كان يبدو بأن تفاصيل كل مجالات العلوم والمعارف تنتصب مكشوفة أمامه.

كان عمر السيد عبد الباري شاه أربعين عامًا فقط عندما غادر الجسد وانتقل إلى جوار ربه. ولم يكن عنده أي أطفال. عاش في كوخ عادي حياة بسيطة جدًا.

في أحد الأيام، كان السيد عبد الباري شاه r يتوضأ في أحد أركان منزله. وبينما هو يتوضأ مر بباله هذا الخاطر “أنا رجل فقير أعيش في عزلة، ويبدو أن هذا الطريق سوف يبقى محصورًا علي أنا فقط”. أحزنت هذه المشاعر الشيخ، لكن عندئذ جاءه خاطر من الله أسعده. عرّف الله تعالى الشيخ أنه سوف ينتشر هذا الطريق الصوفي من الشرق إلى الغرب ومن البر إلى البحر. وبفضل الله تعالى، يمكننا الآن أن نقبض على إشارات تحقق هذا الوعد.

Total
0
Shares
الخلف

حضرة الشيخ حامد حسن العلوي

التالي

الشاذلية

المنشورات ذات الصلة
قراءة المزيد

سند الطريقة

تستمر التعاليم الصوفية بفضل العلاقة بين الشيخ والمريد. إن كل علاقة بين الشيخ والمريد تشكل حلقة في سلسلة تربط كل الطرق الصوفية الصحيحة بالنبي محمد g. تسمى “سلسلة البيعة” هذه، أو السلسلة، بشجرة النسب (الشجرة الطيبة). تربط السلسلة في مدرسة…
قراءة المزيد

حضرة الشيخ آزاد رسول

ولد حضرة الشيخ آزاد رسول في بلدة كنكرولي في أُديبر، الهند، في عام 1920م. ومنذ صغره، أبدى إهتمامًا بالغًا بالتوجهات الروحية. وسريعًا ما أصبح عقله النامي منشغلًا بأسئلة وجودية من مثل: “هل هناك قوة ما وراء المستويات البدنية والذهنية للتجربة…
قراءة المزيد

الشاذلية

تأخذ الطريقة الشاذلية اسمها من الشيخ أبو الحسن الشاذلي (١١٩٦/٩٧-١٢٥٨م). ولد الشيخ في مدينة غُمارة، قرب سبتة في شمال المغرب في عائلة من الفلاحين. درس مبادئ الفقه في جامعة القرويين في فاس. ثم سافر لاحقًا لعدد من البلدان. وفي العراق…
قراءة المزيد

النقشبندية

نشأت الطريقة النقشبندية من سلسلة الخواجات التي تطورت في الأصل في تركستان. ومن أشهر شيوخ الخواجات هو الخواجة أحمد ياسوي r (ت: حوالي 1167)، من سكان المدينة المعروفة اليوم باسم محافظة شنجيانغ في الصين، والخواجة عبد الخالق الغُجدواني  البخاري r…